-
تحدث متلازمة داون في جميع الشعوب وفي كل الطبقات الاجتماعية وفي كل بلاد العالم حيث يصاب طفل واحد من كل 800 طفل في جميع أنحاء العالم - ولا تعرف أسباب حقيقة لهذه المتلازمة- وإن كان من المحتمل ارتباط هذه المتلازمة بعمر الأم، فكلما تقدمت المرأة بالعمر كلما زاد احتمال إصابة الجنين بهذه المتلازمة.
- ومهما كانت الأسباب فإن هؤلاء الأطفال كغيرهم من الأطفال يحتاجون إلى مساعدتنا تماما لتنمية المهارات الاجتماعية والعاطفية واللغوية، وكل يوم يأتي أمل جديد يمكن هذه الفئة من العيش بسعادة ونجاح في مجتمع لا يفرق بينه وبين باقي الأطفال.
- إن ولادة أي طفل تحدث تغييراً جذرياً في الأسرة الاجتماعية وغير الاجتماعية لمحاولة الوالدين التكيف مع الوضع الجديد، وإن كان الطفل الطبيعي يحدث هذا التغيير فلا بد بأن ولادة طفل معوق ستحدث تأثيراً اكبر. وتختلف استجابات الأسرة عند ولادة طفل معاق حسب اختلاف شخصيات الوالدين إضافة إلى عوامل اجتماعية وثقافية ودينية ومادية أخرى، فعند مرحلة التشخيص يصاب الوالدان بالصدمة من وقوع الخبر ويحاولان رفضه وإنكاره وقد يشعرون بالذنب ولوم أنفسهم او لوم احدهم الآخر كما أنهم قد يعانيان من الإحساس بالغضب ويمكن أن يكون موجهاً إلى أي شخص (الزوجة، الزوج، أو الفريق الطبي الذي ساعد في تشخيص المرض)، وأخيرا ينتهي بهم المطاف أما بتقبل الوضع والتكيف او الرفض والتخلي عن الطفل.
- جميع هذه الانفعالات تعتبر آليات دفاعية طبيعية للموقف القاسي الذي تمر به الأسرة، ولكن أهم نقطة هي أن يصل الوالدان إلى مرحلة التقبل بسرعة لان التأخر في الوصول إلى هذه المرحلة سوف يحرم الطفل من الاستفادة من الرعاية الطبية والتأهيلية التي يجب أن يحصل عليها، ومما لا شك فيه بأن الإيمان بالقضاء والقدر والاعتقاد بأنها إرادة الله وما شاء فعل وان من صبر واحتسب سيجد خير الجزاء قد تكون أولى الوسائل التي ستساعد الأسرة على تجاوز هذه المرحلة الصعبة لتبدأ مرحلة أخرى وهي تربية الطفل المعوق وتوفير الرعاية الكريمة والسليمة ليكون عنصرا فعالا في المجتمع.
- إن مسؤولية تنشئة هذه الفئة من الأطفال لا تقع على عاتق الأسرة وحدها، بل يلعب المجتمع دوراً كبيراً في مساعدة الأسرة على تخطي مثل هذه الأزمات والعثرات ليصل بها إلى بر الأمان. وأولى هذه الأدوار تبدأ من الفريق الطبي (الأطباء، الممرضين، الأخصائي الاجتماعي وغيرهم من الخدمات المساندة) وذلك من خلال نقل الخبر بطريقة مدروسة وتوضيح جميع النواحي عن الحالة وأساليب التعامل معها والتي يمكن ان تبث فيهم الأمل وتساعدهم على التعامل مع الطفل ليعيش حياة كريمة في مجتمع يفهم مشاعره ومشاكله.
- من أهم النصائح التي تعطى للأسرة حول أساليب التعامل مع هذه الفئة من الأطفال هو البدء معهم في سن مبكرة؛ فالتدخل المبكر وتدريب الطفل من خلال المدرسة والأنشطة الترفيهية المتكررة إضافة إلى الحنان والحب سوف يساعد الطفل على تنمية مهاراته الاجتماعية والعاطفية واللغوية.
- إن طفل متلازمة الداون يحتاج إلى اللمس والحنان، والنظر في عينيه، والابتسامة في وجهه، وإعطائه المزيد من المحبة، والتحدث إليه وقراءة القصص له واللعب معه وتشجيعه على اكتشاف الأشياء وكيفية استعمالها، ومساعدته على التعبير ووصف كل ما تراه عيناه. تعليم طفل متلازمة داون امر ضروري مهم ولكن يفضل الابتعاد عن التدريس الرسمي والذي قد لا يتناسب مع قدراته الذهنية، ويجب ان لا ننسى أن نمدحه عند قيامه بأي عمل حتى ولو كان صغيراً، ونعوده على تحمل المسؤولية وإعطائه الفرصة لاختيار حاجاته الخاصة مما يعطيه الثقة والاعتماد على النفس. لاحظي قدرات الطفل وحاولي تنميتها، وتشجيعه على تكوين علاقات اجتماعية مع أطفال العائلة أو الحي أو المدرسة حيث أن الأطفال الصغار يتعلمون الدروس المهمة مع بعضهم البعض وخاصة النواحي الاجتماعية.
- وكما يبدو لنا فإن طفلاً من متلازمة داون يحتاج إلى ما يحتاجه الطفل الطبيعي منذ ولادته مع فارق واحد وهو أنه سيحتاج إلى وقت أطول لكي يتعلم بسبب إعاقته الحركية والذهنية.
ساحة النقاش