إن فقد حاسة الإبصار تحرم الطفل المعاق بصرياً من الخبرة بالكثير من المدركات البصرية وكذلك من الفرصة التي تتيحها المثيرات البصرية من حيث اتساع مجالها أو تنوعها ، وتختلف درجة الحرمان باختلاف نوع و طبيعة ودرجة ذلك الفقد ومن هنا تبدو الفروق الفردية بين المعاقين بصرياً فمنهم الكفيف كلياً منذ الولادة والكفيف كلياً بعد الولادة وخاصة بعد سن الخامسة وكذلك ضعيف الإبصار.
ويختلف أسلوب تربية وتعليم المعاقين بصرياً-إلى حد ما-باختلاف الفروق بينهم حيث يحتاج الكفيف كلياً منذ الولادة في رعايته و تعليمه إلى طرق ووسائل تعتمد على تنمية و تطوير و تدريب حواسه المتبقية كالسمع و اللمس و الشم و التذوق بشكل أساسي بينما يحتاج الكفيف كليا بعد الخامسة إلى تنمية وتدريب حواسه بشكل آخر نظراً لأن لديه خبرة سابقة بالصور البصرية و الألوان و الأشكال و المفاهيم و مدلولاتها أما ضعيف الإبصار فإنه يحتاج إلى طرق تعتمد على الاستعانة بالمعينات البصرية وكذلك بعض الوسائل البصرية اللمسية في بعض الأحيان ، ومن هذا المنطلق فإن حواس الطفل المعاق بصرياً بشتى درجات الإعاقة لها أهميتها ودورها الفاعل في تربيته و تعليمه ورعايته.
ومن المتفق عليه تربوياً أن لحواس الطفل المعاق بصرياً دور هام في حياته الخاصة والعامة وفي كافة ما يصدر عنه من سلوكيات وذلك لأن حواسه تلك تعد بمثابة أدوات اتصال بينه و بين بيئته حيث يحصل عن طريقها على المعارف والخبرات والمعلومات ومن ثم يهيئ حياته وظروفه بناء على إمكانيات تلك الحواس وقدرتها على الوصول إلى كل ما يريد الحصول عليه حيث تقوم كل منها بوظيفتها الأساسية كحاسة من الحواس إضافة إلى وظيفة حاسة الإبصار المفقودة ، وعلى وجه العموم فإن اتصال الفرد ببيئته يعتمد في الأساس على طبيعة تكوين جهازه العصبي والذي يجعله دائما على اتصال مستمر بكل ما هو حوله نتيجة وجود حالة من عدم التوازن الناشئ عن الحاجات التي يجب إشباعها و المؤثرات الخارجية في بيئة الفرد مما يترتب عليه اتجاه الحواس إلى عوامل الإثارة خارج الجسم الحصول على مدخلات حسية مرضية تتوافق مع حاجات الفرد لتعود إليه حالة التوازن والرضا، والمثيرات الخارجية التي تؤثر في الحواس كثيرة ومتعددة وكل مجموعة منها تؤثر في نوع من الحواس كالمشاهد والأشياء المرئية والأصوات المسموعة والملموسات والمذاقات والروائح ، وعندما يتفاعل الفرد المعاق بصرياً مع تلك المثيرات فإنه يتم إدراكها بنقل معلوماتها عبر الأعصاب أي عبر عضو الحس والخلايا العصبية المستقبلة في ذات العضو ثم الأعصاب الحسية المرتبطة بالدماغ والتى تختص بذلك العضو. حيث تترجم وترمز وتصف إلى عدد من الإدراكات وتدمج في ذاكرة الفرد لتكون جاهزة للاستدعاء وبهذه الكيفية تتم عملية التعلم لدى أي فرد إلا أنها تختلف باختلاف المستقبلات و المثيرات و تتوقف على مدى سلامة جهاز الفرد العصبي المركزي.
من هنا تبدو أهمية تنمية وتدريب الحواس الأخرى لدى المعاق بصرياً بطريقة متواصلة ومستمرة وبشكل وظيفي فعلى سبيل المثال يمكن تخطيط برنامج تدريب سمعي لتنمية حاسة السمع لدى الطفل المعاق بصرياً يتضمن إدراك الأصوات وتحليلها ثم التنظيم الصحيح للمعلومات السمعية التي تم الحصول عليها ، وكذلك فهم اللغة وما تحويه من أفكار ومفاهيم وغيرها كتنمية مهارة تحديد طبيعة الصوت وتمييزه وتحديد اتجاهه ، وكذلك تحديد المسافة التي يصدر عنها الصوت ، وهكذا مع باقي الحواس الأخرى كاللمس و الشم و التذوق ومن الهام أن تتم عملية تنمية و تدريب المهارات الحسية في وقت مبكر بالنسبة للطفل المعاق بصرياً حتى تصبح لديه مهارات تلقائية ولا يجد صعوبة في التفاعل مع المثيرات البيئية ويمكنه بعد ذلك مواصلة التعلم بشيء من السهولة واليسر والإقبال على تلك العمليات بالكثير من الأمل والتفاؤل.
وفي ضوء ما تم طرحه فإننا نحاول الإجابة عن التساؤل التالي :
ما هي وسائل تنمية بعض المهارات الحسية لدى الطفل الكفيف ؟ ويتفرع من هذا التساؤل ،التساؤلات الفرعية التالية :
o ما هي وسائل تنمية مهارة اللمس لدى الطفل الكفيف ؟
o ما هي وسائل تنمية المهارات السمعية لدى الطفل الكفيف ؟
o ما هي وسائل تنمية مهارة الشم لدى الطفل الكفيف ؟
o ما هي وسائل تنمية مهارة التذوق لدى الطفل الكفيف ؟
أولاً : تنمية حاسة اللمس لدى الطفل الكفيف
تأتي حاسة اللمس في الأهمية بالنسبة للكفيف بعد حاسة السمع ولو أن كل منهما تكمل الأخرى إلا أنه يعتمد عليها اعتمادا كليا عندما تنقطع الأصوات أو لا تتوافر لديه بالقدر الذي يمكّنه من الحصول على المعلومات الهامة و الضرورية وهذا لا يعنى أن أيا من الحواس المتبقية لدى الكفيف ذات أهمية و الأخرى ليست كذلك و إنما الأهمية تكاد تكون مشتركة لأنه يقوم بتوظيف معظم تلك الحواس في آن واحد لتتم عملية الربط بين العلاقات و الوصول إلى ما يريد.
ولقد أصبحت الحاجة إلى تنمية حاسة اللمس لدى الكفيف هامة وضرورية بالقدر الذي توافرت به فرص تربية و تعليم المكفوفين في المؤسسات التربوية المختلفة و الاتجاه إلى دمجهم في المدارس العادية.
وتعتبر حاسة اللمس بالنسبة للكفيف الوسيط الذي يمكنه من تذوق الشعور بجمال العالم الخارجي كما أنها مصدر من مصادر اكتساب الخبرات ووسيلة من وسائل اتصاله بالعالم الخارجي ففي الأيدي تجتمع أدوات البحث والمعرفة والعمل ومن ثم فهي تؤثر تأثيرا جوهريا في حياته الثقافية و الاجتماعية والاقتصادية حيث يتعرف بواسطتها على ملامس الأشياء مميزا بين الخشونة والنعومة والصلابة والليونة والجفاف والرطوبة والزوايا والمنحنيات والحدة والرقة والنبض والاهتزازات إضافة إلى الربط بين أحجام الأشياء و أشكالها و أبعادها المكانية.
إن حاسة اللمس يمكنها الاستجابة للعديد من المثيرات الميكانيكية و الحرارية والكهربائية والكيميائية إذ أن المستقبلات الجلدية مهيأة لاستقبال المثيرات المتنوعة لإعطاء حقائق عن البيئة وعناصرها الملموسة ، فالمثيرات اللمسية تعمل على إيصال الطفل الكفيف بالبيئة من حوله فيؤدى ذلك إلى حدوث نوع من الارتباط بينه وبين المؤثرات الخارجية التي تؤثر على نمو وعيه أللمسي.
ولقد أدركت بعض المجتمعات المتقدمة أهمية حاسة اللمس بالنسبة للكفيف واستحدثت نوعاً من التدريب أللمسي أطلقت عليه التربية اللمسية أو التعليم باللمس لتزويد المكفوفين بالمعلومات والخبرات الفنية والجمالية والتاريخية والجغرافية والاجتماعية وذلك بإنشاء متاحف ومعارض يراعى فيها طبيعة الحركة والتنقل لدى المكفوفين لعرض التراث الثقافي والفني والتاريخي لتلك المجتمعات بطريقة تمكنهم من الحصول على المعلومات والخبرات عن طريق لمس المعروضات واحتوائها بجانب معرفة المعلومات عنها بواسطة الكتابة البارزة الموضوعة على كل قطعة معروضة كنماذج للطائرات والقطارات والسفن والمنازل القديمة وأدوات الحرب وأدوات الزراعة والحيوانات والآلات الموسيقية وغيرها من الأشياء التي يمكن أن تكون بعيدة عن إدراك الكفيف أو تخضع لتصوره وتقديره وهو ما يطلق عليه الإدراك أللمسي.
والإدراك أللمسي إما أن يكون احتوائياً أو تكوينياً و يسمى في هذه الحالة اللمس الاحتوائي أو التكويني Synthetic touch و الذي يعنى احتواء الأشياء الصغيرة بيد واحدة أو بكلتا اليدين واستكشافها ومعرفة طبيعتها بشكل عام أو أن يكون تحليليا جزئيا ويسمى في هذه الحالة باللمس الجزئي أو التحليلي Analytic touch و يعنى تحسس أجزاء الشيء الواحد جزءاً جزءاً تم تكوين مفهوم واحد لهذه الأجزاء بعد إدراك جزيئات هذا الشيء.
وتوجد فروق بين المكفوفين في استجاباتهم اللمسية للمثيرات الجلدية و يرجع ذلك إلى :
o الممارسة المستمرة و التمرينات الشاقة المتواصلة التي يبذلها الكفيف للحصول على درجة ما من درجات الإدراك أللمسي.
o عملية تنظيم الخبرات و المعلومات اللمسية التي تم الحصول عليها حيث يقوم الكفيف بإحداث نوع ما من الترابط و الدمج بينه و بين الخبرات و المعلومات اللمسية التراكمية للخروج باستجابة معينة.
o إن الفرد المبصر يحصل على انطباعات سريعة و مباشرة عن مرئياته بينما يحصل الكفيف على انطباعات جزئية و بطبيعة عامة عن الملموسات التى تقع في نطاق يده ، من هنا فإن الإدراك أللمسي للكفيف يختلف عن الإدراك البصري لدى المبصر إلا أن الكفيف يمكنه الربط و الدمج و الوصول إلى نتائج تبعا لممارساته المستمرة و المتواصلة وطبيعة التمرينات و التدريبات التي تعرض لها.
من هذا العرض تبدو أهمية تنمية وتدريب حاسة اللمس لدى الكفيف مبكرا منذ طفولته الباكرة و هنا تقع مسئولية ذلك على الأسرة التي لها دور كبير في استقلالية الكفيف أو اعتماديته فكلما كان تدريب يده على اكتساب الخبرات والمعلومات مبكرا كلما كان لذلك أثر ايجابي على شخصية الطفل الكفيف واستعداده للاندماج في الجماعة و التفاعل معها بسهولة واعتماده على ذاته واستقلاليته بشكل ملموس ولجوئه للآخرين في أضيق نطاق وفي ظروف معينة ، ولكي تنجح الأسرة في مهمتها لتدريب الحاسة اللمسية وتفعيلها يتوجب عليها أن تراعى بعض الاعتبارات الهامة مثل:
o أن تعطى للطفل الكفيف الفرصة للبحث و الإلمام و الإحاطة بالأشياء سواء كان لها صوت أو ليس لها مع مراقبته عن كثب حتى لا يتعرض للأخطار وذلك لتنمية ثقته في ذاته و تعوده البحث الذاتي دون الاعتماد على الآخرين إلا في بعض المواقف .
o عندما تقدم شيئا للطفل الكفيف يجب أن تضعه في يده حتى يتعود استخدام الأيدي في التعرف على الأشياء وطبيعتها وحجمها وشكلها ومن ثم تدريب الحاسة اللمسية وتقوية التآزر العصبي.
o يجب أن يقترن تقديم الأشياء للطفل الكفيف و خاصة في يده بشرح موجز عن طبيعتها وتشكيلها وصفاتها وأهميتها وأحجامها وحرارتها وما إلى ذلك حيث أن الطفل الكفيف لا يثيره اسم الشيء وإنما صفاته و شكله و حجمه وطبيعته وذلك لارتباط اسم الشيء بطبيعته في ذاكرته وحتى إذا ما تكلم عن ذلك الشيء كان معروفا لديه فهو يتكلم عنه كما يراه الطفل المبصر.
o يمكن أن تلجأ الأسرة إلى أسلوب المناقشة عند تدريب حاسة اللمس لدى طفلها الكفيف كأن تضع بين يديه شيئين مختلفين في طبيعتهما وصفاتهما ومتفقين في حجمهما مثل كرة قدم وبطيخة متقاربتين في الحجم ثم تدير حوارا حول ملمس كل منهما وكتلتها والصوت الصادر عنها نتيجة الطرق عليها فعن طريق هذا النمط من الحوار وغيره يتم إثارة انتباه الطفل الكفيف وإدراكه فيلمس الأشياء بانتباه ويعقد مقارنات سريعة بينها من حيث الخصائص فتزداد قدرته من مجرد اللمس إلى التعلم عن طريق اللمس ومن ثم ترتفع مقدرة اللمس لديه وبزيادتها تزداد إمكانية إدراكه الفعلي حيث أن تكوين الانطباعات الحسية و الربط بينها وبين المعلومات التي تم الحصول عليها تعد عملية عقلية تقوم على إدراك العلاقات والربط بينها والاستفادة من كل جزئية يمكن الحصول عليها.
إن إدراك الكفيف أللمسي يتطور بالوعي و الانتباه للمثير الحسي تبعا لطبيعة ملمسه و حرارته أو اهتزاز سطحه وتنوع محتوياته ، إضافة إلى أنه يستوعب شكل الشيء الملموس عندما تمسك يداه به ؛ إذ أن حمل الشيء الملموس باليدين يساعد الطفل الكفيف على اكتشاف وتمييز عناصره وكذلك معرفة ثقله ووزنه وكتلته، ويعتبر كل ذلك تمهيداً لتعليمه طريقة " برايل" في القراءة والكتابة وذلك لأن معرفته برموز " برايل "من خلال اللمس تعد مهارة معقدة ترتبط بالناحية التجريدية من إدراكه المعرفي حيث يحتاج الإلمام بتلك الرموز إلى مستوى من الإدراك أللمسي مساويا تقريبا للإدراك أللمسي الخاص بالكتابة لدى الطفل المبصر.
وإذا كان اعتماد الطفل الكفيف على حاسة اللمس يشكل أهمية كبيرة مع حاسة السمع وباقي الحواس الأخرى في إدراك السطوح و الأحجام والتمييز بينها أو في القراءة والكتابة وفي الحصول على المعلومات والخبرات التي تمكنه من التوافق مع ذاته ومع بيئته كان من الضروري والمناسب والحالة كذلك تنشيط وتنمية حاسة اللمس وتدريبها منذ وقت مبكر على بعض التمرينات والتدريبات الخاصة بذلك.
ثانياً -- تدريب حاسة السمع لدى الطفل الكفيف
تعد حاسة السمع من الحواس التي يعتمد عليها الكفيف اعتمادا رئيسيا في تعويض جانب كبير من جوانب القصور في الخبرة نتيجة فقد أو ضعف حاسة الإبصار، وتعتبر ثاني الحواس أهمية بعد الإبصار نظرا لعلاقتها الوثيقة بتواصل الكفيف و لغته، حيث يحافظ على تواصله الفاعل مع البيئة عبر هذه الحاسة منذ وقت مبكر من عمره ، فهو لا يعتمد على سمعه فقط في الاستماع إلى الأصوات وتحديد مصادرها ، وإنما يمكنه الحصول على كثير من المعلومات التي يحصل عليها الفرد المبصر عن طريق حاسة الإبصار بواسطة تلك الحاسة و الأطفال الصغار يستطيعون تحديد مصدر الصوت، وكلما كانت البيئة غنية بالمثيرات حصل الفرد على معنى أفضل للأصوات التي يسمعها، ويصبح الطفل قادرا على تمييز صوت الإنسان عن صوت الأشياء الأخرى، وعندما يمكنه النطق فإنه يقلد أصوات الآخرين ، ومن هنا يحدث الاتصال بين الطفل و بيئته، ويتطور هذا التقليد حسب درجة مهاراته الغوية الأساسية، وتتطور لديه السيطرة على الأصوات التي ينطقها كلما تمكن من التقليد الجيد للأصوات و الكلام ويزيد اتصاله مع بيئته بشكل أفضل، فهو يستطيع أن يحدد مصدر الصوت واتجاهه ودرجته، وأن يميز بين الأفراد والطيور و الحيوانات والأدوات والأجهزة والآلات والظواهر الطبيعية ويتعرف عليها عن طريق السمع.
إن تنمية حاسة السمع منذ وقت مبكر تعتبر من الأهمية بمكان لدى المكفوفين ، حيث أنها الوسيلة الأولى لتعليم الطفل الكفيف بحمله ثم التحدث معه والاتصال معه بكافة الوسائل البسيطة و الممكنة يعمل على بناء علاقة فعالة كما يحافظ على النمو المبكر لحاسة السمع لديه ، ويمكن للطفل أن يصل إلى البيئة من خلال الإيحاءات السمعية طالما أنه فقد فرص الإثارة البصرية لهذا الاتصال، فهو يستطيع الانتباه البحث عن الإثارة السمعية بفاعلية في الوقت الذي تبقى استجابته في المستوى الآلي لاستقبال الصوت إذا لم تقدم له المعلومات السمعية بالمستوى المطلوب لتوظيفها، وحتى يمكن التغلب على ذلك يحتاج الطفل الكفيف إلى مميزات لفظية و تفاعل مستمر و متكرر مع الآخرين ، كما يحتاج إلى مساعدة لإجراء عملية الربط بين ما يسمع و الأشياء ذات المعنى في البيئة حيث يلمسها و يكتشفها بيديه.
ونظراً لأن تدريب الطفل الكفيف على تنمية مهارات الاستماع ضروري وهام ، ومن هذا المنطلق فإن المربين وأولياء الأمور يمكنهم إتباع الكثير من الطرق لتحقيق ذلك ومن هذه الطرق:
o جذب انتباه الطفل إلى ما يمكن الاستماع إليه بطريقة مشوقة وممتعة.
o استخدام إستراتيجية قص القصص، ثم تكليف الطفل بإعادة ما سمعه ومحاولة تلخيصه واستخلاص الأفكار الأساسية للقصة.
o الاستماع إلى الأشرطة المسجلة و التعليق عليها.
o محاولة التخلص من التشتت و عدم التركيز بعدم إطالة زمن الاستماع وجعله على فترات مناسبة.
o تشجيع الطفل على الاستماع و تعزيزه على ذلك.
o يمكن الاستعانة بأشخاص آخرين للتدريب على تمييز الأصوات.
o أن تتم عملية التعلم في جو من الهدوء و الأمان و التنظيم.
o تركيز الانتباه على النقاط الهامة وإعطاء وقت كاف لاستيعابها.
o تدريب الطفل على عملية التواصل المنظم وخاصة مع الآخرين كمعرفة وقت الاستماع ووقت التحدث أو الرد وهكذا.
ثالثاً: تنمية حاسة الشم لدى الطفل الكفيف
علي الرغم من أهمية حاسة الشم بالنسبة للطفل الكفيف فهي تعد من أقل الحواس التي تلقى اهتماما خاصا لتنميتها و يمكن أن تسهم تلك الحاسة إسهاماً كبيراً في تنويع الحياة وإثارة الاهتمام و أن تكون عظيمة النفع في نقل المعلومات عن الأماكن و الأشياء و أيضا عن الأشخاص حيث يمكن بواسطتها تزويد الطفل الكفيف بالكثير و العديد من المعلومات الهامة التي تساعده بشكل خاص في تحديد مواقع الأشياء و كذلك تمده بمعلومات ذات فائدة عن مكونات البيئة المحيطة به وخاصة إذا ما تم تدريب تلك الحاسة و تنميتها فإنه يمكن للطفل الكفيف الحصول علي معلومات ذات قيمة عن بعد إذ يمكنه أن يميز الأفراد عن طريق الروائح الطبيعية لأجسامهم أو عن طريق بعض أنواع المستحضرات التي يستعملونها كالعطور مثلا أو نوع معين من الصابون المستخدم أو رائحة الدخان الذي يدخنونه.
إن إدراك الطفل الكفيف لبعض الملاحظات عن طريق حاسة الشم من مسافة مناسبة يساعده علي معرفة تفاصيل البيئة من حوله ويسهل له عملية التوجه والحركة والكشف حيث أن تخصيص أماكن معينة بروائح مميزة كرائحة شاطئ البحر مثلا أو رائحة الخبز أو الرائحة المنبعثة نتيجة طهي المأكولات أو محطة تزويد السيارات بالوقود أو رائحة الحدائق بما لها من رائحة معينة بأشجارها وزهورها و نباتاتها و كذلك رائحة الصيدليات أو العيادات و محلات الأحذية ومحلات بيع المواد الغذائية إذ أن لكل منها رائحته الخاصة و الفريدة و المثيرة والتي يمكن للطفل الكفيف من إدراكها عندما يسير في طريقه فيعدل في خطة السير أو يوجه نفسه بشكل صحيح.
ولقد ذكرت العالمة الكفيفة " هيلين كيلر" أنه كان يمكنها عن طريق حاسة الشم أن تتبين الأماكن التي تنتقل خلالها و تدرك ما إذا كان المكان الذي توجد في محيطه عيادة طبيب أم أنه محل لبيع العطور أو الأحذية أو أنه محل لبيع المواد الغذائية أو أنه مصنع، وأنها كانت تدرك اقترابها من منزلها عندما تحمل إليها نسمات الهواء رائحة القهوة المنبعثة من المقهى القريب منه فتوجه نفسها إلي الاتجاه الصحيح لدخول المنزل.
ولقد أشارت نتائج بعض الدراسات التي أجريت علي العديد من المكفوفين أنهم يتفوقون علي المبصرين في حاسة الشم و ذلك مرجعه التدريب الشاق والمتواصل لهذه الحاسة كوسيلة من وسائل تعرفهم علي البيئة المحيطة بهم والحصول منها علي معلومات ذات فائدة للكفيف و بالطبع فهي ليست منحة أو تعويضا لهم عن فقد الإبصار - كما يدعي البعض- لذا فمن الأمور الهامة تنشيط وتنمية وتدريب هذه الحاسة عن طريق تمرينات و تدريبات تتضمن تعريض الطفل الكفيف لنماذج مختلفة من الروائح المميزة للأماكن والأفراد والمواقع مع إعطاء معلومات لاحقة لتبين هوية الروائح المختلفة والاتجاه المنبعثة منه وكذلك التمييز بينها وربط كل نوع من هذه الروائح بالعنصر أو المكون البيئي الذي يصدر عنه لتمكين الطفل الكفيف من الاستفادة من الترابطات الخاصة بين كل رائحة وما تنبعث عنه من مكونات بيئية أو أفراد وتكون هذه الحاسة ضمن منظومة الحواس الأخرى الخاصة بالطفل الكفيف والتي يستخدمها بكفاءة بعد تنميتها وتدريبها وتنشيطها بشكل فعال لتكون جميعها عيناً لترشده وتدله وتوجهه وتساعده علي التواصل مع البيئة المحيطة به بشكل فعال تبعاً لطبيعة كل مكون أو عنصر من عناصر تلك البيئة .
رابعاً : تنمية حاسة التذوق لدى الطفل الكفيف
إن حاسة التذوق ذات صلة وثيقة بحاسة الشم بل أنها في معظم الأحيان مرتبطة بها إلي حد بعيد فعلي سبيل المثال عندما يشم الفرد المبصر قطعة من الجبن لها رائحة طيبة فإنه يقبل علي تذوقها ليتأكد من جودة هذا الصنف ذي الرائحة الطيبة ؛ لذا فإن حاسة التذوق لها أثر فعال في تزويد الفرد بمعلومات عن بعض المواد وطبيعتها سواء المأكولات أو المشروبات حيث يحدد الفرد مذاقات وذلك عن طريق حلمات اللسان ويشترك في ذلك الكفيف و المبصر لمساعدته في التمييز بين تلك المواد و تحديد طبيعتها و نوعيتها عندما تتشابه في ألوانها وأشكالها أو رائحتها حيث أن كثيرا من المواد تتشابه إلي حد كبير ظاهريا في الشكل واللون والرائحة في الوقت الذي تختلف فيه مذاقاتها ، ويمكن للفرد المبصر أن يحدد بسهولة مدى الاختلاف بين تلك المواد من حيث المذاق نظرا لأنه ألفها وتعود أن يراها ولديه خبرة سابقة بأشكالها و ألوانها ورائحتها أما في حالة الفرد الكفيف فالأمر مختلف لأنه غير مطلع على أشكال وألوان تلك المواد فربما تكون مواد ضارة أو سامة أو غير ذلك ورائحتها تتشابه تماما مع بعض المواد النافعة أو المفيدة لذا فإنه من الهام تدريب الطفل الكفيف علي تلك المهارة وهي مهارة التمييز بين مذاقات المواد المختلفة ونظرا للارتباط الوثيق بين حاستي الشم والتذوق فإن تطوير وتنمية احدي هاتين الحاستين يمكن أن يؤدي إلي حد ما إلي تطوير وتنمية الحاسة الأخرى وهذا كان دافعا لتنمية تلك الحواس لدى الكفيف حيث إن حاسة التذوق هامة بالنسبة للكفيف شأنها في ذلك شأن الحواس الأخرى وذلك فيما يمكن تسميته -الاتصال بعالم الواقع من مأكل ومشرب-إذ أن عملية الأكل بالنسبة للكفيف يمكن أن تكون عملا شاقا ، وصعبا ومملاً ما لا يوجه انتباهه إلي التمييز بين مذاقات الطعام المختلفة وذلك لأن الأفراد المبصرين يختارون مأكولاتهم وفقا لأشكالها وألوانها أكثر من اختيارهم لها تبعا لمذاقاتها، وإذا ما سلمنا بأهمية حاسة التذوق في حياة الكفيف فمن الضروري أن نأخذ بعين الاعتبار الحذر من المواد الضارة و غير المفيدة فلا يقبل الكفيف علي عملية التذوق قبل التأكد من نفع تلك المواد أو عدم ضررها و كذلك مدى صلاحيتها للتناول ومن ثم يمكنه التعرف علي طبيعة تلك المواد التي يتعامل معها و يمكن للمدرب أن يعرض علي الطفل الكفيف العديد من الأطعمة والمشروبات بعد أن يناقشه في خواصها من حيث الرائحة والملمس أو الليونة والصلابة قبل تذوقها وبمعني آخر يجب أن يتم هذا التدريب نظريا أولا لمعرفة خصائص وطبيعة تلك المواد و صفاتها ثم بعد التأكد من فهم الطفل الكفيف واستيعابه لخصائص وصفات تلك المواد وطبيعتها ينتقل إلي التطبيق العملي بالتذوق الفعلي لإدراك أنواع المذاقات المختلفة والتمييز بينها بواسطة حاسة التذوق و عندما يتم تنمية تلك الحاسة فإنها تكون ضمن منظومة الحواس الهامة التي يعتمد عليها الطفل الكفيف ويستخدمها بكفاءة كي تصبح مرشدا له ودليلا وموجها لمساعدته علي التواصل مع البيئة المحيطة به بشكل فعال وذلك من خلال توظيفها وفقا لعناصر البيئة وطبيعة تلك العناصر.
ساحة النقاش